ذرف المسيحيون الإيرانيون في الشتات القليل من الدموع على وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي، الذي قُتل في حادث تحطم طائرة هليكوبتر مع وزير الخارجية وستة آخرين في الجبال الشمالية الغربية لإيران.
وسيتم ملء الفراغ القيادي بإجراء انتخابات جديدة في غضون 50 يومًا. لكنه يأتي في وقت كثير الصخب بالنسبة للجمهورية الإسلامية، التي شنت الشهر الماضي هجومًا صاروخيا غير مسبوق ضد إسرائيل. وفي سياق الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، قام وكلاء إيران الآخرون في لبنان وسوريا والعراق واليمن بالتحرش بالدولة اليهودية وحلفائها الغربيين.
وأعلن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي الحداد لمدة خمسة أيام، مؤكدا أنه لن يكون هناك أي تغيير في اتجاه الأمة.
وشهدت فترة ولاية رئيسي احتجاجات داخلية على القمع الديني، إلى جانب الاستياء من الاقتصاد الذي يعاني من التضخم المالي. لكن بينما أشرف على استعادة العلاقات الدبلوماسية مع غريمتها السعودية، تدهورت العلاقات مع الغرب بشدة بسبب تعزيزها العلاقات مع روسيا والصين، حيث قامت إيران بتخصيب إمداداتها من اليورانيوم في سعيها المشتبه به للحصول على سلاح نووي.
وقالت لانا سيلك، الرئيسة التنفيذية لمنظمة ترانسفورم إيران، التي تشرف على شبكة من الكنائس في البلاد:"إن آلافاً لا حصر لها من المسيحيين يصلون على وجه التحديد من أجل مشيئة الله في إيران". "أؤمن أن يد الله موضوعة على كل هذه الأحداث الرئيسية"
ونصحت سيلك الكنيسة الغربية بالصلاة من أجل قيادة جديدة تخاف الله.
وكانت ردود الفعل العاطفية للمسيحيين حول الزعيم المتوفى الآن متنوعة.
وقالت شيرين تابر، المديرة التنفيذية لمنظمة تمكين الإعلامية النسائية والمتخصصة بتعزيز الحرية الدينية الدولية: "من خلال جميع اتصالاتي، وجدت ان رد فعل الإيرانيين المتعلمين والمتفاعلين اجتماعيًا هو الفرح". "مع ظهور الإمكانية للتغيير، فهناك يكمن دومًا ألامل".
وقالت، وهي مسيحية إيرانية أمريكية، إن هذه الوفيات تثبت أن النظام ليس فقط لا يقهر، بل إنه في حالة انحلال. وأشارت التقارير إلى أن المروحية الرئاسية حلّقت بشكل غير حكيم وسط ضباب كثيف وتعرضت أيضًا لعطل ميكانيكي.
وتقود تابر أيضًا الاتحاد الإبراهيمي النسائي لتعزيز اتفاقيات إبراهام، وهي جهود تقودها الحكومة الأمريكية لتطبيع العلاقات بين الدول الإسلامية وإسرائيل. وفي هذا الفترة الانتقالية في إيران، شجعت الدول الغربية على الاستمرار في "السير قدمًا" من أجل تقدم الديمقراطية.
وقد تم انتخاب رئيسي، والبالغ من العمر 63 عامًا، في عام 2021 بأقل نسبة تصويت عامة تم تسجيلها منذ الثورة الإيرانية عام 1979. وألقى المحللون اللوم على خيبة الأمل واسعة النطاق، اذ قامت القيادة الدينية بحصر مجموعة المرشحين بشدة بحيث تقتصر على أولئك الذين أظهروا الولاء لآية الله خامنئي. واعتبر رئيسي أيضًا المرشح الأساسي لخلافة المرشد الأعلى البالغ من العمر 85 عامًا.
وأشارت مصادر إلىالتكهنات واسعة النطاق حول الحادث. وسرعان ما انتشرت بعض الشائعات التي القت اللوم على إسرائيل، بينما القى البعض الآخر اللوم على الصراع الداخلي على السلطة. ولم تخرج إيران باي تصريح حول عمل متعمد.
لكن بينما بثت وسائل الإعلام الحكومية مشاهد الحداد في الجنازة وفي شوارع إيران، ظهرت صور الايرانيين في الشتات وهم يرقصون في الشوارع. وكانت بعض الأصوات المسيحية أكثر صمتًا.
قال أمير بازمجو، الرئيس التنفيذي لمنظمة Torch Ministries وطالب الدكتوراه في العلوم السياسية واللاهوت المسيحي في أكسفورد: "كان رد فعلي الأولي هو أن العدل اخذ مجراه". "لقد سمع الله أصوات العائلات التي فقدت أحباءها ظلماً بسبب رئيسي".
في إشارة إلى الرئيس بلقبه السيئ السمعة "جزار طهران" بسبب دوره في "لجنة الموت" التي أعدمت آلاف السجناء، واشار بازمجو الى حزقيال 18: 23 إلى أن الله لا يسر بموت الأشرار.
انضم رئيسي، الذي ولد في عائلة دينية، إلى الاحتجاجات الأولية ضد الشاه الإيراني في سن 15 عامًا، وبحلول سن 25 عامًا أصبح نائب المدعي العام في طهران. وفي عام 1988، كان هو أحد القضاة الأربعة في المحكمة السرية التي أعادت محاكمة أعداء النظام المسجونين بالفعل.
وفي عام 2009، دعم رئيسي حملات القمع ضد المتظاهرين وسجنهم الجماعي في أعقاب الانتخابات الرئاسية المختلف عليها. وكرئيس اشرف في عام 2022 على الرد الأمني ضد المظاهرات التي اندلعت بعد وفاة مهسا أميني، وهي امرأة اعتقلت بسبب حجابها الذي اتهموها بكونه فضفاضًا. وقد قُتل أكثر من 500 شخص واعتقال 22000 آخرين.
وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على رئيسي في عام 2019 لدوره في القمع المحلي.
وحث بازمجو الغرب على التعاطف مع وفاة الرئيس الإيراني، ولكن بذات الوقت الوقوف إلى جانب الجمهور المضطهََد وتجنب الانحياز إلى النظام. وكان هذا هو رد الولايات المتحدة، حيث أعربت عن تعازيها بينما أعادت التأكيد على دعم الشعب و"نضاله من أجل حقوق الإنسان والحريات الأساسية".
ولكن مع تضاؤل عدد السياسيين المعتمدين، يعتقد بازمجو أن مققتل من كانوا في الهليكوبتر يساهم في تقليص عدد الموالين الأساسيين الذين يمكنهم تولي مناصب قيادية في المستقبل. ومثل تابر، هو ايضًا يعتقد أن هذه الفجوات قد تنبئ بتغيير كبير في المستقبل القريب.
وقال إن هذا يتوافق مع الصورة الواردة في الكتاب المقدس.
منا منا تقيل وفرسين ، كانت الكتابة على الحائط في سفر دانيال 5 — رسالة الله إلى بيلشاصر ملك بابل. وقد أحصى الله أيام ملكك وأنهاه.
وقال بازمجو: "أصلي من أجل القادة السياسيين في إيران أن يبتعدوا عن طرقهم المظلمة ويلتقوا بإله المحبة والعدالة والقداسة". "وإلا فإن عدالة الله ستأتي لمن لا صوت لهم، بما في ذلك المسيحيين".
وتشير دراسة حديثة إلى أن هناك ما يقرب من مليون مؤمن داخل إيران.
بخصوص أي شخص يحتفل، استشهد بازمجو بأمثال 21: 15 كأية تناسب كل من المسيحيين وايضًا القادة الإيرانيين – اجراء الحق فرح للصديق والهلاك لفاعلي الاثم .
ووافق منصور برجي على ذلك، مستشهدا بمزمور 55: 15 – ليبغتهم الموت . قد لا يفهم المسيحيون بشكل كامل العلاقة بين رحمة الله ودينونته، كما قال مدير منظمة الدفاع عن الحرية الدينية الإيرانية المادة 18، لكنه يسمح للمحبَطين بالتعبير عن غضبهم تجاه أولئك الذين يؤذون مواطنيهم.
وبما أن رئيسي انتهك حقوق الأقليات، فإن بورجي لا يزال يشعر بالإحباط إلى حد ما.
وأضاف: "كان من الأفضل له أن يُحاكَم ويُحاسَب على جرائمه". "لكن العالم الآن مكان أكثر أمانًا بدونه".
ومع ذلك، حذرت سيلك من أن الصراعات الداخلية الإيرانية المحتملة على السلطة لن تبشر بالخير للمواطنين، حيث ستحكم السلطات بقبضة أكثر إحكامًا. سيستمر الاضطهاد ضد المسيحيين وربما يشتد.
ولكن كما وجد بازمجو تشابهًا كتابيًا مع ملك بابل، أشار سيلك إلى نبوءة عن عيلام القديمة، الواقعة في إيران الحديثة. وقالت إن هناك وعد بالاسترداد، ولكن ليس قبل الدينونة. يقول الله في إرميا 49: 38: واضع كرسيي في عيلام وابيد من هناك الملك والرؤساء .
وقالت سيلك: "لا يمكننا أن نفترض أننا نعرف فكر الله". "لكن الأمور تتسارع، وأتساءل عما إذا كان التحول الكبير الذي كنا نتوقعه أقرب مما نعتقد".