News

المذبحة السورية تترك المسيحيين على الهاوية

رغم عدم استهداف المسيحيين في العنف الذي أدى لمقتل أكثر من 1000 شخص، لكن الكثيرون يخشون ان يكونوا التاليين في الدور.

A woman reacts next to one of the pictures of victims of a recent wave of sectarian violence targeting Syria's Alawite minority.

امرأة تبكي ضحيةَ الموجةِ الأخيرة للعنف الطائفي الذي استهدف الأقلية العلوية في سوريا.

Christianity Today March 17, 2025
Delil Souleiman / Getty

كان عدي عويس مسترخيًا مع أولاده في بيته في ماريلاند الأسبوع الماضي، حين وصلت التنبيهات على هاتفه من أصدقائه في سوريا. لقد كانت جماعات إسلامية موالية للحكومة الجديدة في طريقها الى المنطقة الساحلية للمنطقة العلوية.

بعد ذلك بوقت قليل وصلته فيديوهات تصويرية على تشات مجموعاته: عائلات بأكملها تُذبح وصفّ بعد الآخر من السوريين الأموات مصفوفة في الشوارع. وكان بعض الضحايا من أصدقائه العلويين.

 الآن هو قلق لمستقبل الكنيسة السورية.

عويس، الذي يعمل في جمعية لا ربحية دولية تركز على الحوار بين الأديان، هو عضو في طائفة الروم الأرثوذكس السورية وعاش في دمشق، عاصمة سوريا، حتى سنة 2009. هذه الحملة العنيفة ضد الناس الذين عاش بينهم مرة، كانت صدمة بالنسبة له. وقد وافقت المسيحية اليوم الا تستخدم اسمه الحقيقي لكي تحمي افراد عائلته الذين ما زالوا في سوريا.

وقد قتل مسلحون إسلاميون أكثر من 1300 شخص، بحسب ما جاء من المرصد السوري لحقوق الانسان الذي مركزه في المملكة المتحدة. اغلب الضحايا كانوا من المدنيين العلويين، وهي الأقلية الشيعية التي ينتمي اليها الرئيس السابق بشار الأسد. وقد قادت اشتباكات الاسبوع الماضي، بين قوات حكومية وفلول مسلحة من نظام الأسد في محافظات اللاذقية وطرسوس، الى عنفٍ طائفي؛ حيث انحدرت المليشيات السنيّة الى المنطقة. ان للعلويين، الذين شغلوا وظائف مرموقة خلال حكم الاسد، تاريخ من العيش جنبًا الى جنب مع المسيحيين.

“لقد أرعبنا ذلك “، يقول عويس.” لم نستطع النوم. لقد كانت بضع أيام أليمة”. وقد أكد عويس من خلال قنوات اتصاله في سوريا مقتل عشرة مسيحيين ولكنه لا يعتقد ان القوات الحكومية والميليشيات المجرمة تستهدف المسيحيين بشكل متعمد.

“انهم ينظرون الينا ككافرين وكأشخاص لا نؤمن بما يؤمنون هم به”، يقول عويس. “في ذات الوقت هم لا يروننا كأُناسٍ قاموا باضطهادهم في الماضي”.

رغم ذلك، فان المسيحيين السوريين قلقون، يتساءلون ما إذا كانت الحكومة الجديدة ستستهدفهم لاحقًا.

ان هذا القتل الانتقامي يعتبر أسوأ عنف منذ عزل الأسد في كانون اول. لقد قاد احمد الشرع، المعروف ب- “الجولاني”، الحركة السنيّة للإطاحة بالأسد وهو الآن الرئيس الانتقالي لسوريا. 

رحب الكثير من سوريين، في انتهاء قبضة الأسد للحكم لمدة 24 عامًا. حكم حزب البعث التابع له لاكثر من خمسة عقود، وقد ارتكب جرائم كثيرة ضد السوريين. لكن ارتباط الشرع السابق في القاعدة، رفع التخوفات من ان يكون السوريين قد استبدلوا نظامًا عنيفًا واحدًا في آخر. من المحتمل ان يعاني المسيحيون واقليات أخرى، في ضمنهم العلويين والاكراد والدروز من تهديدات متزايدة كما تقول نينا شيا، وهي مديرة مركز الحرية الدينية في معهد هدسون.

“ليست هناك تقييدات تحمي الأقليات الدينية”، تقول شيا التي خدمت في البعثة الامريكية للحرية الدينية الدولية سبع مرات.” انه موسم متاح لهم”.

بعض التقارير وصفت الصراع في سوريا على أنه اثنيّ في طبيعته، لكن شيا تعتقد ان الدين هو الدافع الأساسي. هي تتابع الأنظمة الإسلامية وتلاحظ نهج من الاضطهاد الديني في العراق ونيجيريا وسوريا.

” لربما لا يتم [القتل] بناء على أوامر، لكني سأكون متفاجئة إذا ما كانت الحكومة ستحمي المسيحيين او أي أحدٍ آخر”، كما قالت. بحسب شيا، فان للشرع تسلط واهن للسلطة وهو يقود ائتلافًا من المتطرفين يشمل “مقاتلين جهاديين متشددين” من الشيشان، أوزبكستان ودول أخرى.

انها تؤمن ان الرئيس الانتقالي لسوريا هو إسلامي متطرف ولكنه يعكس صورة معتدلة للغرب، لكي يضمن إزالة العقوبات وإعادة المساعدات.

“الولايات المتحدة تدين الإرهابيين الاسلاميين الراديكاليين، بضمنهم الجهاديين الأجانب، الذين قتلوا الناس في غرب سوريا في الأيام الأخيرة”، قال وزير خارجية الولايات المتحدة ماركو روبيو في بيان أصدره يوم الاحد. ودعا الحكومة السورية ان تسعى للعدل.

وصرح ديوان الشرع انه سيشكل لجنة مستقلة للتحقيق في القتل من الجهتين. ” لن يكون احد فوق القانون وكل من تلطخت يداه بالدماء السورية سيقدم للقضاء- بسرعة ودون تأخير” قال الشرع في خطاب له يوم الاحد.

عويس يشكك في الرسائل والفيديوهات المتناقَلة بشكل واسع على صفحات التواصل الاجتماعي التي تصف ذبح للمسيحيين، ويقول ان التقارير التي تدّعي ان كاهنًا قد قتل خلال الهجومات هي كاذبة. لكنه ما زال قلقًا حول مستقبل المجتمع المسيحي السوري حيث ان الإسلاميين ينظرون للمسيحيين بأنهم “لقمة سائغة”.

“انه بيت تستطيع دخوله دون اي مقاومة لأنهم يعرفون ان المسيحيين غير مسلّحين،” يقول عويس.” هم ليسوا مُجمَّعين في مكان واحد كما العلويين، ممّا يمكّنهم …المقاومة لوقت طويل”.

يقول عويس ان القوات السورية نهبت مئات البيوت المسيحية خلال الهجوم على التجمعات العلوية بين المدن الساحلية طرسوس واللاذقية. وقد اجتاح الجهاديون بيت صديقٍ لعويس، لكنهم لم يتعرضوا له بعدما عرفوا هويته المسيحية. لكنهم سرقوا سيارته.

السرقة منتشرة في المجتمعات المسيحية فالكنائس عادة ما تقوم في إخفاء الايقونات خلال الأسبوع ويقومون بعرضها أيام الاحد فقط، حسب قول عويس. بعض الايقونات عمرها اكثر من 400 عام وهي ثمينة للغاية.

قالت شيا ان عدد السكان السوريين المسيحيين قد تقلص بشكل كبير في العقود القليلة الأخيرة وهم يعدّون الآن حوالي 300،000 نسمة. رغم انه لم تجرِ إحصاءات، لكن عويس يقول ان التقديرات الكاثوليكية والارثوذكسية اكثر تفاؤلًا وتتراوح ما بين الـ- 600،000 ومليون نسمة.

رغم القتل دون تمييز والسرقة المستهدفة، يختار الكثير من المسيحيين البقاء في سوريا والبقاء بعيدًا عن الأنظار، بحسب ما علمنا من مسيحيين لديهم علاقات في الدولة. في الوقت نفسه، بعض التقارير تشير الى عبور آلاف السوريين الحدود الى لبنان.

اما أولئك الذين يبقون فانهم يواجهون التهديدات على عدة اصعدة.

لقد تم اجلاء مجموعة من حوالي 500 كردي مسيحي من المدينة الشمالية عفرين عدة مرات نظرًا للقتال بين المليشيات التركية والقوى السورية الديمقراطية (SDF) المقادة من الاكراد، حسب قول مجيد كردي، وهو قسيس عراقي كردي يسكن في أمريكا ويعمل مع جمعية “فريدوم سيكرز انترناشيونال” لتقديم الدعم لتلك المجموعة. وازدادت التوترات حين ضغطت الحكومة الجديدة على المجموعات المسلحة لكي تندمج مع الجيش الوطني.

المسيحيون الاكراد، الذين يسكنون حاليًا في حلب، في سوريا، هم جزء من كنيسة الراعي الصالح غير الطائفية لكن الآن ليس لهم مكان للاجتماع بشكل آمن. وقد ضمّت الكنيسة المزيد من الاكراد لمجموعتها في كل مرة تمّ فيه إخلاء مدينة او مخيم لاجئين، وهكذا تضخمت المجموعة الى حوالي  1200 شخص وبضمنهم كثيرين غير مؤمنين لديهم اهتمام في المسيحية، بحسب كردي.

لكن وضعهم غير مستقر.

” تحاول (المليشيات) بين الحين والآخر ان تهاجم المسيحيين” يقول كردي”. ” وهم يبحثون بشكل خاص عن المسلمين العابرين الى المسيحية”.

يقول كردي ان المرتزقة، المدعومين من تركيا والذين يعارضون الوجود الكردي في منطقة الحدود، يخطفون الاكراد وبضمنهم النساء وهم في طريقهم الى السوق، ويمتدّ ذلك الى الجنوب وصولًا الى حلب.

“ان كل هذه القوى تتشابك في المنطقة”، يقول كردي. “لذلك من المستحيل ان تتشكل لدينا وحدة. فلا أحد يستمع للآخرين.


يوم الإثنين، العاشر من آذار، وافقت SDF ان تندمج مع الحكومة السورية الجديدة. يقول كردي ان هذا الترتيب هو “بداية جيدة بين كلا الطرفين”، لكنه لا يعتقد انها ستقلص الاعتداءات التركية على الاكراد. سؤال وشيك آخر هو هل سوف يتم نقل سجناء القاعدة التسعة آلاف، والذين تحرسهم قوات SDF ، الى الحكومة السورية الجديدة.

يقول عويس ان المجتمع المسيحي بغالبيّته القصوى، هو اقل الفئات تسلحًا في سوريا. ويخاف المسيحيون الآن، ان الرعاع الموالين للمجموعة الحاكمة التابعة للشرع (هيئة تحرير الشام)، يمكن أن يقلبوا لهم ظهر المجن في لحظة.

لكن المسيحيون لديهم قدرًا من الرجاء. “اننا لسنا فالحون في فن الحرب ولكننا فالحون في فن السلام” يقول عويس.

خلال عقود من الاضطراب في سوريا، بنى المسيحيون علاقات مع العلويين، الدروز والمسلمين السنّة، يقول عويس. وقد رعت بعض المجتمعات المسيحية ولائم عشاء تجمع الفئات المختلفة معًا.

يوم الاثنين، إدّعى الشّرع انه تم احتواء عمليات القتل الانتقامي، ووعد ان يقدّم المسؤولين للعدالة لكن المرصد السوري لحقوق الانسان ادعى ان القتل المستهدِف كان ما يزال مستمرًا في ذلك الوقت. يتساءل بعض السوريين حول نوايا الشرع، وعويس يعرف ان الطريق مستقبلًا سوف تكون صعبة ومعقّدة.

لكن أي توقّف (أو تعقيد) قد يكون فرصة للتقدم.

“تركت القوات المسلّحة العلوية المنطقة لذا نحن نأمل بحدوث مصالحة”، يقول عويس. “بالنسبة للمسيحيين، فان القتال المسلحّ او المقاومة هو امر يكاد يكون مستحيلًا، وقد يؤدّي الى إبادة جماعية للسكان المسيحيين”.

Our Latest

News

كيف يخطط معمدانيّ من الناصرة ان يوّحد الانجيليين في العالم

مقابلة أجرتها انجيلا لا فولتون

مقابلة مع بطرس منصور، الأمين العام الجديد للاتحاد الإنجيلي العالمي

News

ازمة الجوع في غزة تسوء. في ارض الواقع، تكثر التعقيدات.

جيل نيلسون

يأس، هجومات ونهب يقودون الى “وضع صعب” حسبما تقول جمعية “محفظة السامري”.

News

أمن الناصرة الحديثة يمكن ان يكون شيء صالح؟

بطرس منصور في الناصرة، إسرائيل

فساد محلي وعصابات اجرام وحرب إسرائيل- حماس تركت بلد المسيح في صراع

محبة الجيران المسلمين دون المساومة في ايمانك

جيسون كاسبر

الرئيس المصري لشبكة مراكز العلاقات المسيحية – الإسلامية يشارك كيف علّمه المسيحيون العرب الأوائل عن كيفية التعامل مع الإسلام.

News

توفى: جون ماك آرثر، الذي شرح الكتاب المقدس للملايين

دانيال سيليمان

الواعظ من جنوب كاليفورنيا أراد ان ينير الكتاب المقدس بالكتاب المقدس ويميّز المسيحيين الحقيقيين عن الكاذبين.

News

مخاوف من نزوح مسيحي بعد التفجير القاتل في الكنيسة في سوريا

جيل نيلسون

“اختبرنا الحرب، لكن ليس تهديدات محددة ضد المسيحيين”

ضحايا داعش يرحبون بالمساعدات المسيحية لكن ليس باعتناق المسيحية

جيسون كاسبر

اليزيديون، وهم اقلية دينية في العراق، ما زالوا يواجهون النزوح بعد 11 عامًا من هجومات المجموعات الجهادية.

News

تقليصات “الوكالة الامريكية للانماء الدوليّ” تترك خيام اليزيديين في حالة يرثى لها.

جيسون كاسبر

أحد أعضاء هذه الفئة، من الأقليات الدينية، وجد لجوءًا في أوروبا وهو يرسل لأهله في الوطن مدخوله الزهيد الذي يكسبه مقابل عمله في بقالة.

Apple PodcastsDown ArrowDown ArrowDown Arrowarrow_left_altLeft ArrowLeft ArrowRight ArrowRight ArrowRight Arrowarrow_up_altUp ArrowUp ArrowAvailable at Amazoncaret-downCloseCloseEmailEmailExpandExpandExternalExternalFacebookfacebook-squareGiftGiftGooglegoogleGoogle KeephamburgerInstagraminstagram-squareLinkLinklinkedin-squareListenListenListenChristianity TodayCT Creative Studio Logologo_orgMegaphoneMenuMenupausePinterestPlayPlayPocketPodcastRSSRSSSaveSaveSaveSearchSearchsearchSpotifyStitcherTelegramTable of ContentsTable of Contentstwitter-squareWhatsAppXYouTubeYouTube