تعد إيران موطنا للكنيسة الأسرع نموا في العالم ، مع ما يُقدّر بنحو مليون مسيحي، والعديد من الاجتماعات السرية التي كانت تعبد سابقا باللغة الفارسية. ولكن وفقا لمسح أجري عام 1991 للأمهات الجدد في إيران، ذكرت 46 في المائة فقط أن الفارسية هي لغتهن الأم.
يمكن الآن لأقلية جيلاكي ومازندراني ومواطنين آخرين قراءة العهد الجديد بلغتهم الخاصة ، وذلك بفضل نشر 12 ترجمة جديدة للكتاب المقدس. بعيدا عن احتكار الفارسية ، توجد في إيران 62 لغة متميزة ، وفقا لوكالة كوربو للترجمة، بحيث يزيد عدد المتحدثين في تسعة منها عن مليون شخص.
ان اهتمام الله بإيران يتجاوز مجرد نفوسهم الفردية.
”ان ترجمة الكتاب المقدس هي طريقة الله ليس فقط ليخلّص الناس” ، يقول ياشجين ، وهو مفسر تحت التدريب من هيئة وكالة كوربو ، ”ولكن لإرجاع المجد إلى الأقليات المذلولة”.
تعيش ياشكين الآن في تركيا وهي مؤمنة مسيحية منذ عام 2007، وطلبت عدم الكشف عن هويتها لحماية عائلتها المؤمنة في شيراز، على بعد 525 ميلا جنوب طهران. هي عضو في الأقلية التركية القشقاي في إيران، وقد فرّت من البلاد بعد احتجازها لفترة وجيزة في السجن بسبب ايمانها، وارتبطت بكوربو في عام 2017.
بعد سبع سنوات ، ساهمت في ولادة أول عهد جديد بلغة قاشقاي.
وقالت ياشكين إنها تعرضت للسخرية عندما كانت طفلة بسبب لهجتها واسمها التركي. ( تقول مجموعة حقوق الأقليات (MRG) إن إيران تقمع لغات الأقليات، وتفرض اللغة الفارسية وحدها في التعليم والشؤون المدنية). لكنها درست الكتاب المقدس ، وتعلمت أن الله دعا إسرائيل كشعب أقلية (تثنية 7: 7) ، والترجمة ، كما قالت ، تثبت حقيقة يوحنا 3: 16.
ان الله يحب العالم، وليس فقط الأغلبية.
وقالت ياشجين: ”لا أحد يهتم بنا أكثر من امنا”. ”لقد أظهر لنا الله أنه يهتم أيضا ، من خلال التحدث بلغتها.”
ان اعداد الاعراق ومستخدمي اللغات المختلفة مختلف عليه في إيران التي يقيم سكانها البالغ عددهم 88 مليون نسمة في مساحة تعادل تقريبا مساحة ألاسكا. أكثر من نصفهم بقليل يتحدثون بصيغة ما من صيغ اللغة الفارسية، وبوجود الأذربيجانيين والأكراد كأكبر مجموعات من الأقليات العرقية.
لطالما كان للمسيحيين الأرمن والآشوريين المحليين كتبهم المقدسة. وقد تم نشر أول كتاب مقدس باللغة الكردية في عام 1872 ، ونشر الكتاب المقدس الأذربيجاني في عام 1891. في حين أن أول إشارة إلى الترجمة الفارسية تعود إلى القرن الرابع لرئيس أساقفة القسطنطينية يوحنا الذهبي الفم ، تم العثور على دليل لمخطوطة من القرن الخامس في دير نسطوري في طاجيكستان الصينية.
وقاد المرسل هنري مارتن اعداد أول نسخة حديثة والتي اكتملت في عام 1846.
ولكن في حين أن المرسلين كانوا محصورين في نطاقهم الجغرافي، كما يقول لازاروس يغنازار، مؤسس منظمة ”تحويل إيران”، ولكنهم أسسوا كنائس ناطقة بالفارسية حتى في العواصم الإقليمية. وقال إن منظمته لزراعة الكنائس لديها كنائس في أكثر من 50 مدينة إيرانية، وهي تسعى إلى عكس هذا الإهمال العرقي.
من خلال عملها مع قصص الكتاب المقدس المفتوحة، استخدمت "تحويل ايران" لهجات إقليمية لكي تترجم شفويا حلقات الكتاب المقدس الرئيسية الى 22 لغة من لغات الأقليات ، وتم وضعها على خلفية الموسيقى الفولكلورية الشعبية المحلية. وقال إن قلة من الأقلية الإيرانية تستطيع قراءة لغتها الأم، ويخشى الخبراء من أن الكثير منها معرض لخطر الاختفاء.
”عندما يسمعون موسيقاهم، فإنها تمس روحهم”، قال يغنازار، وهو من أصل أرمني. ”إذا تأنى يسوع في عودته ، فسيقولون: المسيحيون حافظوا على حضارتنا”.
ويوافق أحد الأذريين العرقيين على ذلك، ويزيد لذلك الاعتراف بالتبعات السياسية.
وقال فريدون موخوف، مدير كوربو، إن إيران تخطئ حين ترى الروح القومية وراء الرغبات العرقية لاستخدام اللغة الأصلية. المنطق يسير على النحو التالي: اللغة تعني شعبا ، والشعب يعني أمة ، والأمة تعني الأرض ، والأرض تعني الانفصالية. وتقول مجموعة حقوق الاقلية إن الناشطين اللغويين في إيران قد سجنوا أو نفوا.
وقال مخوف إنه عندما يتم اعتقال مترجمي كوربو، غالبا ما يكون ذلك بسبب اعتبارهم تهديدا للأمن القومي. وبإضافة اللغة العربية كلغة دينية رسمية بعد ثورة عام 1979، واصلت الجمهورية الإسلامية إلى حد كبير سياسة الحكومة السابقة لقمع الهويات العرقية. لكنها أيضا جعلت العلاقات التي كانت في السابق ودية وتاريخية متوترة.
يتحدث الكتاب المقدس عن 127 مرزبة للملك الفارسي زركسيس ، مع سلطة مركزية في سوسة – حيث يعيش شعب لاك اليوم. وحكم الملك كورش عيلام التوراتية – حيث يقيم شعب لور. لكلتا اللغتين الآن عهد جديد – وبحسب مخوف هو حق أساسي من حقوق الإنسان.
وقال: ”لا يحتاج اللور إلى دولة خاصة بهم ، ولكن يجب الحفاظ على لغتهم وثقافتهم في مجتمعهم”. ”الكتاب المقدس هو الأدب الوحيد الذي يمكنه المحافظة عليها.”
أصبح مخوف مسيحيا في عام 1974 كطالب جامعي وبدأ مسيرته اللغوية في عام 1990 ، وترجم الكتاب المقدس إلى لغة مسقط رأسه في جنوب أذربيجان. وبعد خمس سنوات، تأسست جمعية الكتاب المقدس الأذربيجانية عبر الحدود الشمالية الغربية لإيران في باكو للعمل على الترجمة الأذرية الشمالية، بينما أسس هو كوربو – التي تعني ”الجسر” باللغة الأذرية.
كان هدفه دائما أن يربط الكتاب المقدس بين الشعوب.
في عام 1998 ، بدأ مخوف في ترجمة العهد الجديد إلى جيلاكي ، وبعده الى اللغة المازندرانية واللورية بعد بضع سنوات. لكن الكثير من هذا العمل تم تعليقه حتى تم الانتهاء من الكتب المقدسة الأذربيجانية الجنوبية في عام 2014. بعد ذلك، بدأ كوربو العمل في تاليش وتاتي والأهوازية العربية وغيرها، وتم تكريس 12 عهدا جديدا في عرض تقديمي في لندن في نهاية الأسبوع الماضي.
ومن المقرر نشر ست ترجمات أخرى في يونيو/حزيران.
من خلال العمل مع جمعيات الكتاب المقدس المتحدة (UBS) ، وشركة البذور ، وجمعية OM، ومجلس الإرساليات الدولية للمجمع المعمداني الجنوبي ، فقد وضفت كوربو 73 موظفا من بينهم 58 مترجما ، يعمل ثلثاهم من داخل إيران. مخوف هو أيضا مساعد المشرف على مجلس همغام للكنائس الإيرانية المتحدة، الذي يشرف على 850 كنيسة بيتية في إيران. ويقع العديد منها في مناطق الأقليات.
وحيثما يسمح الوضع الأمني بذلك، يفحص المترجمون عملهم مع الأصدقاء والأقارب في إيران. ان هذا يفتح فرصا للتبشير ، وقالت ياشكين إن إحدى صديقاتها آمنت بعد سماع الإنجيل في قاشقاي ، بعد أن رفضته بعد سماعه قبلها بسنوات باللغة الفارسية.
وقالت: ”عندما تتحدث عن المسيحية في إيران، فإن أول ما يخطر ببالهم هو أنها ديانة غربية”. ” ان سماع الكتاب المقدس بلغتك الأم يثبت أن هذه فكرة خاطئة.”
ولكن حتى الآن، قال مخوف إن الكنائس البيتية – التي تتطابق في تشكيلها إلى حد كبير مع التكوين العرقي للأمة – تعتمد على الكتب المقدسة الفارسية. بعد الثورة الإسلامية، انتشرت المسيحية أولا في طهران، العاصمة العالمية المنفتحة ثقافيا التي يهيمن عليها الفارسيون. ثم استغرق الأمر حوالي 10-15 عاما للفضائيات لتمتد بالنهضة إلى الضواحي العرقية.
قبل الاضطهاد الذي قسم المؤمنين إلى وحدات عائلية أصغر من أجل امنهم ، كانت جماعة ياشجين في الأصل مختلطة بين الفارسية وقاشقاي. على الرغم من أن جدتها المؤمنة فهمت اللغة الوطنية ، إلا أنها كانت تترجم الكتاب المقدس شفهيا لمساعدته على أن يُقبل بشكل أفضل. ولكن مع فرار الناس من جميع أنحاء إيران إلى تركيا، أصبحت الكنيسة مرة أخرى هيئة متعددة الأعراق – مع الفارسية المركزية.
وهذا هو الحال بالنسبة للإيرانيين المشتتين في كل مكان.
”نحن لا نستخدم التسميات، مما يساعد على وحدتنا الوطنية”، قالت ناهد سبهري، المديرة التنفيذية لجمعية الكتاب المقدس الإيرانية في الشتات (IBSD)، في إشارة إلى الكنيسة الإيرانية في لندن والكنائس ذات الأسماء المماثلة في أماكن أخرى. ”ولكن إذا أرادت الأعراق الأخرى العبادة بلغتها أيضا ، فلما لا؟”
لم تسمع هي عن أي كنيسة في الشتات مؤلفة من عرق واحد ، لكن IBSD تتحالف مع كوربو لإيصال هذه الترجمات إلى أي شخص يحتاج إليها. انهم يوزعون حاليا 300,000 نسخة من الكتاب المقدس سنويا، ويتعاونون مع جمعيات الكتاب المقدس الوطنية الواعية لوجود الشتات الإيراني. وفي أماكن أخرى، يشحنون المواد إلى البلدان الأقل نموا، أو يحملونه باليد إلى أنظمة أقل تعاطفًا.
لقد تأسست IBSD في عام 2015 ، و نشأت من مشروع برعاية UBS لترجمة النسخة الحالية من الفارسية إلى الفارسية المعاصرة. لقد تم الانتهاء من الطبعة الاولى في عام 2007 ، وتم اكمال النسخة المنقحة في العام الماضي. مع الانتهاء من ترجمة 12 عهدا جديدا عرقيا جديدا ، سيفحص كوربو الرغبة المحلية في الحصول على الكتاب المقدس بأكمله. بموجب الالتزام الحالي بالموارد ، سيحصل المتحدثون بالقاشقاي وغيرهم على مشورة الله الكاملة في غضون ثلاث سنوات.
إذا نعمت ايران بالحرية، فما هي اللغة التي سيختارونها للكنيسة؟ تقول ياشكين إنه في حين أن كلا النموذجين جيدان ، فإن الخدمة أحادية الثقافة تنتج المزيد من العلاقة الحميمة بينما تغذي المجموعات المختلطة شركة أوسع. واضافت انها تأمل أن تسمح إيران بتعليم اللغات المحلية، لكنها تدرك الحاجة إلى هوية موحدة.
وتقول يشغين:”ان الترجمة تحقق كولوسي 3: 11 -حيث ليس يوناني ويهودي، ختان وغرلة، بربري سكيثي، عبد حر، بل المسيح الكل وفي الكل. لكنني أيضا إيرانية، والفرق الوحيد هو لغتي”.