Church Life

ضحايا داعش يرحبون بالمساعدات المسيحية لكن ليس باعتناق المسيحية

اليزيديون، وهم اقلية دينية في العراق، ما زالوا يواجهون النزوح بعد 11 عامًا من هجومات المجموعات الجهادية.

A Yazidi man prays at the entrance of a temple in Iraq.

A Yazidi man prays at the entrance of a temple in Iraq.

Christianity Today July 10, 2025
John Moore / Getty

هذا هو الجزء 2 لسلسلة المقالات عن المجتمع اليزيدي. اضغط هنا للجزء 1.

المقال السابق في هذه السلسة سلّط الضوء على تأثير تقليصات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) على المجتمع اليزيدي الهشّ في العراق.  شردت داعش اليزيديين من بلدهم التاريخي في سنجار في شمال العراق في 2014 وقتلت واستعبدت الآلاف. ادّعت المجموعة الجهادية ان دين اليزيديين، الذي تعود جذوره لبلاد ما بين الرافدين القديمة، يعبدون الشيطان. (سيتم التطرق لطبيعة دين اليزيديين في المقال الأخير في السلسلة).

وبعد ان دحرت قوات الائتلاف الأمريكي داعش، بقيَ اغلب اليزيدين في مخيمات الأمم المتحدة المعدّة للنازحين الداخليين. كانت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مزوِّدة رئيسية للمساعدات ويسّرت حصول اكثر من ثلاثين الف انسان في سنجار للخدمات الضرورية. لقد منعت التقليصات مجموعات ضعيفة مثل اليزيدين من الحصول على الغذاء والعناية الطبية التي يحتاجونها، حسبما كتبت ايمي هوثورن، وهي موظفة سابقة في وزارة الخارجية من فترة الرئيس أوباما.

لكن الإرث الذي تتركه الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في الشرق الأوسط مختلط.

واصلت هوثورن قائلة، ان السياسة الامريكية الخارجية “ليست شعبية ابدًا” في المنطقة، إذ فشلت المساعدات التي قدمتها بعشرات المليارات من خلق الاستقرار، الازدهار او الديمقراطية.

ان كان للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية منتقديها في المنطقة، كذلك فالامر سيّان مع المساعدات من هيئات دينية.

“البعض [العراقيين والأجانب العلمانيين] ينتقد بشدة المسيحيين”، قال عامل في مجال الإغاثة ممن يخدمون اليزيديين. وقد تعهدت “المسيحية اليوم” عدم الكشف عن هويته لحساسية الموضوع. “انهم يتهموننا بخلط المساعدة بالإنجيل”.

هرع العديد من جمعيات الإعانات الإنسانية على أنواعها المختلفة لمساعدة اليزيديين في 2014 خلال نزوحهم. لكن وكالات ضخمة مثل وورلد فيجن، ميدار و”أطباء بلا حدود” اخذت تغادر في 2019 حين استقر الوضع هناك وازدادت الازمات في انحاء العالم. من ضمن المجموعات الدولية التي بقيت، حسب كلام عامل الإغاثة، كثير منها صغير وما يحفّزها هو الالتزام طويل الأمد لخدمة الشعب اليزيدي.

مثلًا، تقوم هيئة “زلال لايف” (التي سلّطنا الضوء عليها في المقال الأول) بتوزيع الطعام ، وبتقديم التدريب المهني والخدمات الطبية لثلاثة مخيمات يزيدية وعشرات القرى في إقليم داهوك في شمال العراق. ونزح يزيديون آخرون الى وادي نينوى العراقي المحاذي لسوريا.

ولم يستلم اشتي باهرو، مؤسس هذه الهيئة المسيحية في2007، أي تمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية او الأمم المتحدة. ولكن لو استلم، لما كانت تلك مشكلة في كردستان، حسبما فسر لنا، لأنه بخلاف كثير من العرب في الشرق الأوسط، فان اغلب الاكراد يحبون أمريكا.

موّلت الصناديق المسيحية والدعم الكنسي، فعاليات زلال لايف، حسبما قال، والتي اشتملت مؤخرًا تصليح مئة خيمة تُرِكت مُخرَّقة، يتسرّب منها الماء، في اعقاب تقليصات الميزانية التي قام بها ترامب. ان عيادتاه الطبيتين تخدمان الآن عددً مضاعفًا من المرضى عمّا كان قبلُ، لكن الحاجة هي ثلاثة اضعاف ذلك.

قال باهرو ان عمل الإغاثة منفصل عن خدمته الكنسيّة. انه ايضًا راعي لكنيسة الرُسُل الانجيلية التي سجّلها في السلطات الكردية عام 2021 باسمها الكُردي. ان المسيحيون من الكنائس التاريخية مثل كنيسة باهرو الكلدانية، عبدت الله بالأساس بالعربية او في لغاتهم الاثنية الأخرى. ان الغالبية العظمى من الاكراد هم مسلمين سنيين. قِلَّة من الشعوب الشرق أوسطية، تسمح لمعتنقي ديانات أخرى حضور شعبي مثل هذا.

لكن الحكومة الكردية الإقليمية (KRG) تتحلى بروح التسامح الديني حيال الديانات المختلفة، قال جيريمي باركر، نائب الرئيس المشارك للاستراتيجيات الدولية في معهد الحرية الدينية. مع ان الامر لم يمر دون تحديات، لكن الحكومة منحت اعترافًا ليس فقط للكنائس الارثوذكسية والكاثوليكية ذات التاريخ الممتد لقرون خلت، وانما ايضًا لبعض الكنائس البروتستانتية.

وقد اعتبر سام براون باك، السفير المتجول السابق للحرية الدينية الدولية، الحكومة الكردية الإقليمية (KRG)” نموذجًا نادرًا” في الشرق الأوسط. وقد حضر في نيسان الفائت الفطور الوطني الأول للصلاة، حيث قام باركر الذي يسكن في العاصمة الكردية أربيل، بإدارة نقاشات في ندوتين حول الحرية الدينية.

الى جانب خدمته الكنسية، يدير باهرو متجرًا للأدوات المكتبية وفيه يبيع الكتب المقدسة ايضًا. هو صريح بالنسبة لإيمانه. لكنه يقول ان بعض المجموعات التي تخدم لا تراعي الثقافة المحلية. هذا الموضوع- او على الأقل هذا الاتهام- يعود الى 2015 حين هُزمت داعش.

فيان دخيل، وهو عضو يزيدي في البرلمان الكردي، قال حينها: ” تقوم [المجموعات المسيحية] بربط المساعدات الإنسانية في توزيع الكتب المقدسة والنبذ التي تحتوي على معلومات عن المسيحية”. لكن مكتب كردستان الإقليمي للشؤون المسيحية علّق ان اغلب المجموعات القائمة تصرفن بشكل اخلاقي ولم تضغط لتغيير الناس لديانتهم.

لقد توقفت جمعية “محفظة السامري” عن العمل في المخيمات في 2023 لكنها تحافظ على ستة مشاريع في المنطقة.

” كما في القصة الكتابية للسامري الصالح، نحن نساعد الناس الذين في خنادق الحياة بغض النظر عن معتقداتهم او خلفيتهم- دون ان نطلب منهم أي شيء بالمقابل”، يقول المدير التنفيذي فرانكلين غراهام “للمسيحية اليوم”.

لكن الموضوع مستمر. “اضئ شمعة”، هي جمعية إنسانية اسسها قائد التسبيح الخمسيني شين فيخت، تقوم بتوزيع المساعدات للنازحين الداخليين. قبل سنتين، اقاموا اجتماعًا للصلاة في الهيكل اليزيدي. وبعد ان وضعت المجموعة فيديو على انستغرام فيه يقوم فيه عمال المساعدات المسيحية بالصلاة لله “لكي يكسر قوة اللعنة الشيطانية” التي على اليزيديين ، ثار اليزيديون المحليون.

اعتذر باهرو امام مسؤولي المخيم بينما أعرب عن مساندته للمجموعة.

هادي ماعو، هو يزيدي قابلناه وقدمنا لمحة عنه في المقال السابق، قال ان الحادثة في المزار اغضبت مجتمعه ليس بسبب الصلاة نفسها، إنّما بسبب اتهامها ان دينهم مرتبط بالشيطان.

لكن تحويل الدين هو موضوع حساس ايضًا. فإذا اعتنق يزيدي ما دينًا آخر، عندها لا يمكنه الرجوع الى دينه. من الممكن ايضًا ان يُنبَذ، والامر المتباين بين عائلة وأخرى.

المؤمنون المحليون، الذين يسعون للتشجيع على المسيحية، قد يعقّدون عمل الإغاثة. في تشرين اول (أكتوبر) الفائت، وزع أعضاء من كنيسة باهرو كتبًا ملونة لشخصيات كتابية في داخل مخيم يزيدي حيث تعمل جمعية زلال لايف. لم تكن المادة تبشيرية لكن الحادثة مع خدمة “اضئ شمعة” جعلت العلاقات مضطربة. رغم ان جمعية باهرو، لا علاقة لها في التوزيع، لكن الاكراد واليزيدين على حد سواء، يرون أن كل المسيحيين متشابهين، حسبما قال. اشتكى المسؤولون الى الحكومة واضطر باهرو، بصفته راعي كنيستهم، ان يعتذر ثانية.

رغم انه كان من الممكن ان تؤدي الإساءة الى إيقاف عمل الإغاثة المسيحي لكن المسؤولين تعاملوا في نعمة، حسبما قال، واجابوا “احرصوا فقط الا يتكرر الامر ثانية”.

ينصح باهرو المسيحيين الغيورين- محليين كانوا او أجانب-ان يستشيروا مؤمنين محليين ذوي خبرة قبل العمل مع مجموعات سكانية غير مسيحية، يزيديون كانوا أم أكراد او لاجئين سوريون. ويقول انه مقبول على موظفي الحكومة ان يشارك الناس ايمانهم. لكن السلطات لا تريد التعامل مع المشاكل بين المجموعات الدينية.

“البعض معهم المال، والبعض لديهم الغيرة” يقول باهرو. “لكن جميعهم يجب ان تكون لديهم الحكمة”.

قاد هذا الاستبصار باهرو ان يسعى جاهدًا لزيادة الانسجام الديني المحلي. فقام بتفعيل ورشات عمل، من سنة 2021 وحتى سنة 2023، للقادة من الحكومة والمجال الديني والمجتمعي لتعزيز العلاقات الدينية المحلّيّة. لقد أقيمت الورشات في عاصمة الإقليم داهوك وهي موطن لتجمعات سكانية اسلامية ومسيحية ويزيدية.  شاركك في الندوة الواحدة بمعدّل 50 شخصًا.

يؤمن معظم الاكراد ان اليزيديين يشتركون معهم في اثنيتهم، ويساعد كثيرون منهم في المخيمات، قال باهرو. ورغم ان المسلمين، الأكثر تديّنًا، يميلون لرفضهم بسبب دينهم لكن اللاجئين السوريين في كردستان ينظرون إليهم من خلال العدسة الإثنية وليس دينية، ويتمتّع المسيحيون اجمالًا في علاقة حسنة مع اليزيديين.

في محادثاته الخاصة مع المسلمين المتعصبين، يشدد باهرو ان اليزيدين هم بشر خلقهم الله. لكن في ورشاته لا يتطرّق الى تفاصيل الايمان اليزيدي او أي عقيدة – راغبًا بذلك تجنب مواضيع لاهوتية مثار خلاف. بدلًا من ذلك، ركزت رسالته على اخلاقيات حُسن الجوار والمواطنة المشتركة، مؤكدًا ان الدين ليس سببًا في كراهية شخص ما.

حتى انه طبّق ما يعلّمه بشكلٍ ضمنيّ. إذ اتّخذ باهرو الى جانبه شريكًا في إدارة الاجتماع، شيخًا من كنيسته من خلفية كردية إسلامية. بعض الحضور في اجتماعاته عرفوا ذلك. آخرون لم يعرفوا. لكن من باب الاحترام للجميع، لم يتم الإعلان عن دينه. كان الشيخ يتحدث بصفته مواطنًا عراقيًا زميلًا.

“سيرى الناس ما نعمل ويمجدوا ابانا الذي في السماوات، قال باهرو “للمسيحية اليوم” في اقتباس من متى 5. “لكننا جميعًا اقوى إذا احببنا أحدنا الآخر”.

يمكنك أن تتبعنا على الواتس اب لكي تحصل على  اشعار عن مقالات مترجمة جديدة بالعربية

Our Latest

News

ازمة الجوع في غزة تسوء. في ارض الواقع، تكثر التعقيدات.

يأس، هجومات ونهب يقودون الى “وضع صعب” حسبما تقول جمعية “محفظة السامري”.

محبة الجيران المسلمين دون المساومة في ايمانك

الرئيس المصري لشبكة مراكز العلاقات المسيحية – الإسلامية يشارك كيف علّمه المسيحيون العرب الأوائل عن كيفية التعامل مع الإسلام.

News

توفى: جون ماك آرثر، الذي شرح الكتاب المقدس للملايين

الواعظ من جنوب كاليفورنيا أراد ان ينير الكتاب المقدس بالكتاب المقدس ويميّز المسيحيين الحقيقيين عن الكاذبين.

ضحايا داعش يرحبون بالمساعدات المسيحية لكن ليس باعتناق المسيحية

اليزيديون، وهم اقلية دينية في العراق، ما زالوا يواجهون النزوح بعد 11 عامًا من هجومات المجموعات الجهادية.

News

تقليصات “الوكالة الامريكية للانماء الدوليّ” تترك خيام اليزيديين في حالة يرثى لها.

أحد أعضاء هذه الفئة، من الأقليات الدينية، وجد لجوءًا في أوروبا وهو يرسل لأهله في الوطن مدخوله الزهيد الذي يكسبه مقابل عمله في بقالة.

Apple PodcastsDown ArrowDown ArrowDown Arrowarrow_left_altLeft ArrowLeft ArrowRight ArrowRight ArrowRight Arrowarrow_up_altUp ArrowUp ArrowAvailable at Amazoncaret-downCloseCloseEmailEmailExpandExpandExternalExternalFacebookfacebook-squareGiftGiftGooglegoogleGoogle KeephamburgerInstagraminstagram-squareLinkLinklinkedin-squareListenListenListenChristianity TodayCT Creative Studio Logologo_orgMegaphoneMenuMenupausePinterestPlayPlayPocketPodcastRSSRSSSaveSaveSaveSearchSearchsearchSpotifyStitcherTelegramTable of ContentsTable of Contentstwitter-squareWhatsAppXYouTubeYouTube