News

ازمة الجوع في غزة تسوء. في ارض الواقع، تكثر التعقيدات.

يأس، هجومات ونهب يقودون الى “وضع صعب” حسبما تقول جمعية “محفظة السامري”.

Palestinians struggling with severe food shortages amid ongoing Israeli attacks gather to receive limited aid supplies in northwestern Gaza.

Palestinians struggling with severe food shortages amid ongoing Israeli attacks gather to receive limited aid supplies in northwestern Gaza.

Christianity Today August 14, 2025
Anadolu / Contributor / Getty

يحافظ حنا مسعد على علاقة قريبة مع جيرانه وأعضاء كنيسته السابقة والذين ما زالوا يعيشون في غزة. كما أخبره صديق من الكنيسة المعمدانية في غزة ان “كل الناس الموجودين في الكنائس يشعرون بالدوار وبدأوا يعانون من أوضاع صحيّة سيّئة” جراء حالة النقص الغذائي العام. وقال صديق مسلم انه يستصعب ايجاد الطعام لتغذية عائلته.

لكي نساعد شعب مسعد، فان جمعيته غير الربحية “الارسالية المسيحية الى غزة” (والمشار لها ب-CMG) توزّع ما بين الفين وثلاثة آلاف وجبة سخنة للغزّيين كل شهر. تحت مظلة كنيسة غزة المعمدانية التي رعاها مسعد سابقًا قبل الانتقال الى الولايات المتحدة في 2008، تعمل CMG مع مطابخ مختلفة في انحاء غزة، حيث يَعِد طباخون الطعام ويقسموه الى وجبات فردية موضوعة في علب شخصيّة.

ان هذا يسمح لطاقم CMG بتسليم الطعام بأمان لمخيمات الخيام حول غزة حيث تتواجد العائلات النازحة، حسبما أشار مسعد. ومستخدمين التبرعات التي تُجمع في الخارج، يقوم طاقم CMG بالتسوّق حول المنطقة باحثين عن أرخص الأسعار للمكوّنات، وهي مهمة تزداد صعوبة.

في الماضي، شملت الوجبات دجاجًا. الآن، من الصعب إيجاد اللحم بالإضافة الى اسعارها التي تحلّق في العلا، يقول مسعد، لذا فان وجباتهم تتكون عادة من الارز وربما يضاف لها الخضار مثل الباذنجان. حاليًا تكلّفة الوجبة تتراوح ما بين 7$ و10$.

منذ ان ابتدأت الحرب، فان الجمعية غير الربحية وزّعت أكثر من 47 ألف وجبة ساخنة للمسيحيين وللمجتمع المُسلم الاوسع وساعدت في تقديم ماء الشرب النظيف. يأمل مسعد ان تبعث خدمتهم “رسالة محبة واهتمام واضحة خلال هذا الوقت من الألم الشديد”.

لقد وصلت ازمة الجوع في غزة الى مستويات مُقلقة، اذ بحسب ‘تصنيف مراحل الأمان الغذائي‘ المدمج تعلن ان أسوأ سيناريو لمجاعة، يحدث الآن في غزة. يقول الكاتب الإسرائيلي ذو الميول اليمينية حافيف ريبيغ غور انه بخلاف الإنذارات الكاذبة السابقة، فان ازمة الجوع هذه المرة حقيقية وتمثل “خطأ دراماتيكي واستراتيجي من جهة إسرائيل”.

وصرّحت منظّمة الصحة العالمية، وهي وكالة تابعة للأمم المتحدة، ان 63 شخصًا وبضمنهم 24 ولدًا تحت جيل 5 سنين، ماتوا جراء تعقيدات ناتجة عن سوء التغذية في الشهر الماضي. في ذات الوقت، ادّعى رئيس الحكومة الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ان ليس هناك تجويع في غزة.

منذ نهاية الحصار الإسرائيلي على غزة في أيار والذي استمرّ ثلاثة اشهر، استلمت الجمعية المدعومة من الولايات المتحدة صاحبة التأييد الإسرائيلي GHF (المنظّمة الإنسانية لغزة) مسؤولية توزيع اغلب الغذاء في غزة، وسط مخاوف من سرقة حماس للمساعدات. انتقدت الأمم المتحدة بدورها ال GHF بسبب تعريض الأخيرة الفلسطينيين للخطر، لأنه يتوجب عليهم عبور الخطوط الإسرائيلية العسكرية ليصلوا الى مواقع GHF الأربعة، وأيضًا لأنهم لا يقدمون مساعدات كافية.

تعاظمت ردود الفعل الدولية. حيث أعلنت فرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا نيتهم الاعتراف رسميًا في دولة فلسطين. ينتقد الجمهوريون الامريكان، الذين طالما دعموا إسرائيل، استراتيجية إسرائيل الحربية وقامت ممثلتهم مارغوري تايلور غرين بوصف ازمة الجوع في غزة بانها عملية “إبادة جماعية”. واعترف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ان هناك “جوع حقيقي” في غزة وان ” إسرائيل تتحمل مسؤولية كبيرة” بسبب المساعدات الغذائية المحدودة.

حثّ جوشاوا يوسف، وهو رئيس ومدير تنفيذي في جمعية “ساعدوا المضطهدين“، المسيحيين ان يتعاملوا مع مصدر المعاناة الحالية في غزة بدقة. فالحصول على معلومات موثوقة من غزة هو امر صعب، حيث ان إسرائيل لم تسمح للصحفيين من العالم التوجه المستقل الى المناطق منذ 2023 كما وقيّدت حماس بشدّة حريات الصحافة منذ سيطرتها على قطاع غزة عام 2007.

“يبدو الامر كأنه خليط بين فوضى وحرب جهنمية وطرفان يسعيان للتحكم بالسردية وطرف واحد يسعى بالفعل للتحكم بالسردية”، يقول يوسف، وهو يقصد حماس والسلطة الفلسطينية. ان جمعية “ساعدوا المضطهدين” تدعم المسيحيين في الشرق الأوسط، شمال افريقيا ووسط آسيا.

رغم ان يوسف يعترف بإمكانية وجود اهمال وتنفيذ ضعيف لعملية تسليم المساعدات، لكنه لا يؤمن ان إسرائيل تقوم بتجويع الفلسطينيين عمدًا. ان مستوى الرقابة في داخل وخارج إسرائيل لن تسمح بإبادة جماعية، حسب قوله. ان إسرائيل و- GHF تحاولان ادخال المساعدات، حسب قوله، لكنهما تواجهان حقائق معقّدة على أرض الواقع وهناك أُناس في غزة ممن لا يريدون أن يرَوا حملات إنسانية ناجحة تسير قُدُمًا.

بينما تهاجم تقارير الميديا جمعية GHF، فان يوسف يؤمن انها تتجاهل الطرق التي خذلت فيها الأمم المتحدة الفلسطينيين. ان جمعيته، التي تشمل شبكة من عشرين بيتًا آمنًا، قد واجهت حالات عديدة من تحيّز الأمم المتحدة ضد المسلمين الذين اعتنقوا المسيحية والذين طلبوا مركز “لاجئ” وأنواع أخرى من الدعم.

“في حالات معينة، توظف الأمم المتحدة المحليين واحيانًا ايضًا مسلمين متدينين جدًا او محافظين للعناية بالعمليّات اليومية، وان هذا لم يكن تطورًا ايجابيًا تجاه اقليات معينة في ضمنهم المسيحين”، حسب اقوال يوسف.

ويقول كين ايزاكس، وهو نائب رئيس جمعية “محفظة السامري” لموضوع البرامج والعلاقات الحكومية، انّ أثناء زيارته لغزة في منتصف تموز (يوليو) حضر اجتماعًا عرف فيه ان لدى الأمم المتحدة أكثر من 90 شاحنة مركونة وكثير منها يحمل طعام متعفن وذلك في داخل غزة. بعد بضعة ايام، ذهب ليعاين الموقع ووصف مشهدًا الذي ملأت فيه مئات الشاحنات “فدادين كثيرة من مواقف السيارات” بجانب الحدود.

Courtesy of Ken Isaacs
الكميات الكبيرة من المساعدات الغذائية التي كانت في حوزة الأمم المتحدة تقبع خارج غزة.

وقد نشرت هيئة الحكومة الإسرائيلية لتنسيق المساعدات الإنسانية فيديو من للشاحنات المركونة. يقول ايزاكس انه يؤمن ان الدعاية السيئة وضعت ضغطًا على وكالات الأمم المتحدة كي تبدأ في تحريك شاحنات المساعدات الى مواقع أهدافها.

بعدها واجهت الأمم المتحدة مشاكل.  فلقد نُهِبت الشاحنات على يد خليط من “المدنيين اليائسين والعصابات غير القانونية والزعران المنتسبين الى حمائل وتجار الموت”، حسب قول احمد فؤاد الخطيب رئيس جمعية “Realign for Palestine”.

اعترفت الأمم المتحدة ان 88% من شاحناتها لم تصل الى هدفها المنشود داخل غزة منذ ان عادت الى توصيل الامدادات في أيار بعد شهرين من الاغلاق الإسرائيلي، وبهذا فندت الادعاءات السابقة ان “الغالبية العظمى من المساعدات التي ندخلها، تصل الى المدنيين”.

أثناء تواجده في غزة، تكلم ايزاكس مع فلسطينيين قالوا ان حماس هددتهم بالقتل هم وأبناء عائلاتهم في الضفة الغربية إذا عملوا مع مؤسسة GHF. وقد اسفرت الهجومات ضد موظفي GHF الى مقتل ثمانية فلسطينيين وجرح اثنين امريكيَّين. “هناك مقاومة قوية، حسب اعتقادي، لفكرة وجود أي كيان بوسعه ان يقدم المساعدة الإنسانية، فيما عدا الكيان الذي كان موجودًا قبلًا”، حسب قوله.

قال ايزاكس، والذي عمل في المساعدات الإنسانية لأكثر من 35 سنة، انه لم يرَ مجاعة ولكنه شهد “تضعيف لم يره منذ البوسنة”، بحيث ان ملابس بعض الناس بدت كأنها معلّقة عليهم. وبدا البعض الآخر من الناس انهم اصحاء.

رغم انه ذهب الى غزة وعنده تحيّز ضد  GHF التي “كأنها ظهرت من العدم”، لكن في النهاية كان مُعجَبًا بمهنية الفريق.

خلال توزيع الطعام، رأى اناسًا يائسين يَجرون الى مواقع المساعدة، لكنه تابع قائلَا ان العملية كانت منهجية رغم بيئة التنافس. لقد وصل الشباب وأصحاب البنية القوية اولًا واخذوا يركضون مع الاكياس الكبيرة ويجمعون انواع الطعام المختلفة مثل البطاطا، الملح والزيت. في الموجة الثانية اندفع الفلسطينيون العاديون وكثير منهم كان ابطأ، وبدا انهم شاكرين لمجرد الحصول على المساعدة. الموجة الأخيرة من الناس جمعت العلب المتبقية والصناديق لكي يستخدموها لإشعال النار.  

Courtesy of Ken Isaacs
فلسطينيون في غزة يستلمون الطعام من GHF

تدّعي GHF انها وزعت أكثر من 115 مليون وجبة في غزة وأنها لم تطلق النار على من جاءوا لاستلام المساعدة. يعترف جيش الدفاع الإسرائيلي انه أطلق عيارات تحذيرية باتجاه الجماهير، مما أردى البعض منهم قتلى في الممرات الأمنية بقرب مراكز التوزيع، لكنه يدّعي ان اعداد القتلى وهم أكثر من ألف انسان بحسب لوائح الأمم المتحدة هي اعداد مضخمة.

يسمع مسعد احيانًا عن قتل الغزّيين الذين يقتربون لمراكز التوزيع. لقد قُتِل قريب لجاره جراء هجوم صاروخي وهو في طريقه لاستلام الطعام لأولاده الستة.

يوم الاحد، أرسل عضو من الكنيسة المعمدانية في غزة رسالة نصيّة الى مسعد بخصوص شاب مؤمن يقوم بتلمذته. ذهب هذا المؤمن الجديد مع ابن عمه البالغ 32 عامًا الى مركز توزيع المساعدات. عاد واحد منهما فقط الى بيته حيًا. مات ابن العم بسبب جروح في الرقبة نتيجة طلقات نارية.

“الآن في غزة، يمكن لأكثر القرارات الإنسانية الأساسية – مثل إيجاد الطعام او تفقُّد البيت- ان تصبح امورًا مميتة”- حسب قول مسعد.

يقول ايزاكس انه ليست هناك طريقة حسنة لتسليم المساعدات في منطقة حرب مثل غزة. كثير من المشاكل تنبع من تحديات التوزيع المتساوي. “محفظة السامري” تتشارك مع عدة جمعيات وبضمنها GHF لكي توزع المساعدات.

في 26 تموز (يوليو) أرسلت “محفظة السامري” لإسرائيل طائرات شحن من صنع دوغلاس DC-8  وبوينغ 757 وهي مليئة بحوالي 50 طن من الطعام، بضمنها أكياس مُحكَمَة من زبدة الفول السوداني. كما هبطت طائرة ثالثة في الشهر الحالي، وابتدأت توزيع امداداتها الى داخل غزة في 6 آب (أغسطس).

“انه مجرد وضع صعب، في نهاية المطاف، سيتم حلّه فقط عن طريق ادخال كمّية طعام كافية على الأرض، لجعل سعر الطعام كَلَا-شيء تقريبًا” حسب قول ايزاكس.

تأمل GHF ان ترفع عدد مراكز التوزيع من 4 الى 16 وايضًا ان تتم ادارتها في نوبات خلال اليوم لتخفيف اعداد الجماهير. لقد أوقفت اسرائيل القتال في بعض أجزاء غزة، وصادقت على بعض الطعام المستورد ليتم بيعه، وابتدأت في انزالات جوية للطعام. لكن الغزّيون يحتاجون الى المزيد المزيد من الطعام، وفي يوم الجمعة قامت إسرائيل في المصادقة على خطتها ان تستولي على مدينة غزة مما سيكثّف القتال ويجعل توزيع المساعدات أكثر صعوبة.

بالنسبة لمسعد- تقديم الطعام للجياع هي احدى الطرق التي يمكن فيها ان تكون الكنيسة فيها شاهدة لجيرانها، حيث انه ليس بإمكان المسيحيين في غزة ان يكونوا منفتحين حول ايمانهم. وكثير من الفلسطينيين يربطون المسيحية مع الغرب.

“رغم انه لدينا مستوى معين من الحرية داخل الكنيسة، ولكن خارج تلك الاسوار، يتوجب على المسيحيين توخي الحذر الشديد حول ما يقولونه وكيف يقولونه ومتى يقولونه”.  يقول مسعد الذي يستمر في الاشتراك في قيادة خدمات كنسية اون-لاين للعدد الضئيل من أعضاء الكنيسة المتبقّين في غزة.

يتابع مسعد: “من خلال هذه الخدمة نحن نُظهر ان المسيحيين يهتمون بالغير للغاية وأننا متواجدون هنا بين الناس ونعكس محبة المسيح بطريقة عملية ملؤها الرحمة.

يمكنك أن تتبعنا على الواتس اب لكي تحصل على  اشعار عن مقالات مترجمة جديدة بالعربية

Our Latest

محبة الجيران المسلمين دون المساومة في ايمانك

الرئيس المصري لشبكة مراكز العلاقات المسيحية – الإسلامية يشارك كيف علّمه المسيحيون العرب الأوائل عن كيفية التعامل مع الإسلام.

News

توفى: جون ماك آرثر، الذي شرح الكتاب المقدس للملايين

الواعظ من جنوب كاليفورنيا أراد ان ينير الكتاب المقدس بالكتاب المقدس ويميّز المسيحيين الحقيقيين عن الكاذبين.

ضحايا داعش يرحبون بالمساعدات المسيحية لكن ليس باعتناق المسيحية

اليزيديون، وهم اقلية دينية في العراق، ما زالوا يواجهون النزوح بعد 11 عامًا من هجومات المجموعات الجهادية.

News

تقليصات “الوكالة الامريكية للانماء الدوليّ” تترك خيام اليزيديين في حالة يرثى لها.

أحد أعضاء هذه الفئة، من الأقليات الدينية، وجد لجوءًا في أوروبا وهو يرسل لأهله في الوطن مدخوله الزهيد الذي يكسبه مقابل عمله في بقالة.

حرب اختيارية- واختيار خاطئ

في هذا المقال، قضية تتلخص في أن الضربات الامريكية الحالية على إيران غير قانونية، غير ضرورية، غير شعبية ومحفوفة في المخاطر- بالذات للمسيحيين الايرانيين المضطهدين.

Apple PodcastsDown ArrowDown ArrowDown Arrowarrow_left_altLeft ArrowLeft ArrowRight ArrowRight ArrowRight Arrowarrow_up_altUp ArrowUp ArrowAvailable at Amazoncaret-downCloseCloseEmailEmailExpandExpandExternalExternalFacebookfacebook-squareGiftGiftGooglegoogleGoogle KeephamburgerInstagraminstagram-squareLinkLinklinkedin-squareListenListenListenChristianity TodayCT Creative Studio Logologo_orgMegaphoneMenuMenupausePinterestPlayPlayPocketPodcastRSSRSSSaveSaveSaveSearchSearchsearchSpotifyStitcherTelegramTable of ContentsTable of Contentstwitter-squareWhatsAppXYouTubeYouTube