يشتاق راعي كنيسة كريات شمونة اليهودية الميسيانية يسرائيل ايلوز الى أيام أكثر هدوء.
لأكثر من عام، صارع مع صواريخ حزب الله التي سقطت على المدينة الإسرائيلية الشمالية كريات شمونة.
احيانًا كان اليوز مرهقًا لدرجة عدم الاهتمام بخطر الصواريخ. في عدة حالات، قاطعت زوجته استحمامه لتنبهه ان صفارة الغارة الجوية قد اطلقت. قال لها ايلوز ان تتوجه لملجأ القنابل. لقد أراد فقط ان ينتهي من غسيل الشامبو عن رأسه.
لقد كانت الأشهر الأخيرة أكثر هدوء ويأمل ايلوز ان حزب الله لن يبدأ بإطلاق صواريخ مرة أخرى الآن، اذ ان إسرائيل تعود الى غزة وتجدد حملتها ضد حزب الله في لبنان. يوم الجمعة قصفت إسرائيل بيروت لأول مرة منذ وقف إطلاق النار مع المنظمة الإرهابية في تشرين ثاني الفائت. وانتهى وقف إطلاق النار منفصل مع حماس في أواسط آذار حين تابعت إسرائيل قصف غزة بعد هدوء دام شهرين. وأدت الهجومات الى مقتل 400 شخص في أكثر الأيام دموية من الحرب منذ اكثر من عام، بحسب سلطة الصحة في غزة.
وكان حزب الله قد باشر في قصف شمال اسرائيل يومًا واحدًا بعد مذبحة حماس في السابع من تشرين اول 2023. وكرد فعل قامت إسرائيل بغارات جوية، ولاحقًا بعمليات برية ضد قوات حزب الله. وقد أدى القتال الى اخلاء عشرات الآلاف من المناطق الحدودية من الدولتين.
وحيث ان إسرائيل لم تكن مستعدة للحرب في عدة جبهات، فإنها أرسلت جنودها الى مخيمات مؤقتة في الشمال وبحوزتهم كميات محدودة من طعام معلبات. لذلك ابتدأت كنيسة ايلوز بطهي مئات الوجبات يوميًا للقوات التي دافعت عن الحدود الشمالية.
وقد اخلى حوالي 80% من سكان كريات شمونة الذين يبلغ عددهم الإجمالي 23 الفًا، لكن دزينة من أعضاء كنيسة ايلوز تطوعوا لكي يخدموا الجنود. بعضهم سافر خلال النهار الى مواقع أكثر امانًا. حين سمعوا صفارات الإنذار عن الغارات الجوية، توقفوا عن الطهي وأسرعوا الى الملجأ من القنابل التابع للكنيسة.
لقد تعلّم الفريق فكّ شيفرة الاصوات ونهج إطلاق صواريخ حزب الله النارية. لقد بدى لهم ان الهجومات تتصاعد بعد الخامسة بمن عد الظهر لذلك عينوا موعد تقديم امدادات الاكل بما يتناسب مع ذلك.
تطلبت بعض ارساليات الطعام السفر العاصف الى قاع الجبال حيث تتواجد قوات حزب الله، تلك المنظمة التي أعلنت أمريكا انها منظمة إرهابية ومسؤولة عن مقتل مئات الأمريكيين. صلى ايلوز لأجل الحماية من الصواريخ النارية قبل ان يغادر في شاحنته لتتميم المهمة.
لقد فهم المخاطر. كان حزب الله قد أطلق أكثر من 8000 صاروخ الى إسرائيل منذ ابتدأت الحرب والبعض منها اخترق نظام القبة الحديدية الدفاعي للدولة. أحد الصواريخ احرق سيارة ليس بعيدًا من بيت ايلوز خلال الشهر الأول للحرب. الحق صاروخ أخر ضررًا في المباني الجديدة للكنيسة ساعات قليلة بعدما ترك الفريق المبنى في أيار المنصرم.
الآن السماء أكثر هدوء. لقد ابتدأ المحليون في العودة الى بيوتهم في أوائل آذار ، يقول ايلوز. لقد منح وقف إطلاق النار في تشرين ثاني بين إسرائيل وحزب الله مواطني كريات شمونة بعض الامل في العودة الآمنة.
ان ايلوز شاكر ان كريات شمونة لا تظهر كمدينة اشباح فيما بعد، لكن من الممكن ان تكون تلك المهلة مؤقتة مع انتهاء وقف إطلاق النار. وما زال ايلوز قلقًا حول المواضيع الأكبر التي تواجهها إسرائيل في الوقت الذي تحيط قوات مدعومة من إيران بالدولة وتصطف تحت ارسالية مشتركة لتدمير الامة اليهودية. بذات الوقت تستمر حماس بممارسة سلطتها في غزة.
وفي آذار وبينما فشلت المفاوضات لتمديد وقف إطلاق النار بشكل متكرر، أوقفت إسرائيل كل المعونات الإنسانية المخصصة لغزة. وبعدها أطلقت إسرائيل موجة من الهجومات ضد نشطاء حماس. وقد قتل على الأقل خمس شخصيات سياسية رفيعة المستوى في هذا الهجوم.
وقد قتل القصف حوالي 600 فلسطيني واوصل عدد القتلى الإجمالي الى أكثر من 50 الفًا بحسب وزارة الصحة، التي تدار من قبل حماس وهي لا تميّز بين المقاتلين والمدنيين. وقتل أكثر من 130 طفل وعائلات كاملة قتلت، حسبما قال الناطق الدفاع المدني في غزة محمود بصل لوكالة سي ان ان.
وتّدعي إسرائيل انها ترسل قواتها عائدة الى غزة لكي تسترجع المكاسب التي حصلت عليها حماس خلال وقف اطلاق النار ولتجبر تلك المجموعة الإرهابية لتفاوض على صفقة رهائن أخرى. وخلال وقف إطلاق النار، حررت حماس 33 رهينة مقابل حوالي 1800 سجين.
وتشير الاستطلاعات ان الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء على استعداد لإنهاء الحرب.
وقد ازدادت الاحتجاجات في إسرائيل الأسبوع الماضي اذ تجمهر اكثر من 100،000 شخص في القدس وتل ابيب ومدن أخرى على طول البلاد، وطالب المتظاهرون بصفقة فورية بين إسرائيل وحماس لإطلاق سراح باقي الرهائن وانهاء لخطط الحكومة للانقلاب القضائي التي يقول المتظاهرون انها ستزيد من سلطة الائتلاف الحاكم.
بذات الوقت اجتمع آلاف الفلسطينيين يومي الثلاثاء والأربعاء المنصرمين لما يبدو انه أكبر مظاهرة ضد حماس منذ بداية الحرب. ونادى المتظاهرون “حماس برّه!” “حماس هي الإرهاب!”. وكذلك “نريد ان نحيا بحرية”، بينما ساروا في الشوارع ذات العمارات المدمرة جزئيًا على جانبها.
يتوجب ان يبكي المسيحيون لأجل فقدان الفلسطينيين لحياتهم، يقول ديفيد بيليجي وهو قسيس كنيسة المسيح في القدس وهي كنيسة انجليكانية عمرها 175 عامًا في قلب البلدة القديمة في القدس.
انتقل بيليجي من أمريكا لإسرائيل عام 1980 ورعى الكنيسة في السبعة عشرة عامًا الأخيرة. وتحوي كنيسته أعضاء طاقم من العرب واليهود على حد سواء.
ونظمت كنيسة المسيح في تشرين اول الأخير أمسية للوحدة اليهودية – عربية جذبت حوالي 200 شخص ومن بينهم كثير من الشباب. وركع الحضور معا لاجل الاشتراك في العشاء الرباني خلال خدمة الكنيسة وبعدها اجتمعوا في الساحة المحاذية لعدة ساعات من التسبيح والعبادة.
ويقول بيليجي ان العيش المشترك ليس سهلًا في كثير من الأحيان. ان كنيسته تسعى لكي تكون نموذجًا لدعوة بولس في افسس 2: 15 ان نكون “انسان واحد”. أي ان الكنيسة تشدد على الوحدة بين المؤمنين، حتى حين يحملون افكارًا متباينة عن إسرائيل وطبيعة الحرب.
“هناك أوقات يكون أعضاء طاقمنا اليهودي الإسرائيلي معارضون لسياسات الحكومة بالذات حين يتعلق الامر بالحرب”. كما يقول. ” بذات الوقت، هناك العرب المسيحيين الذين يرغبون برؤية إسرائيل تحطم حماس وكل اشكال التطرف الإسلامي”.
بيليجي لا يؤمن ان عمليات إسرائيل وقت الحرب كانت أخلاقية بالكامل. لكنه قلق من عدد التهديدات التي تواجهها إسرائيل.
فقد هاجمت ايران إسرائيل مرتين في العام الماضي. في نيسان ومرة إضافية في تشرين اول. وتسلق بيليجي على درج بيته المقدسي الى السطح حين أطلقت صفارات الإنذار في البلدة القديمة. وشاهد مئات الصواريخ الإيرانية الباليستية تضئ في السماء، وسمع الانفجارات البعيدة لقوس إسرائيل وهو نظام دفاع طويل الأمد اعترض الأسلحة.
وقال ان اغلب مواطني القدس ذهبوا الى الملاجئ ولكنه واثق ان طهران لن تستهدف البلدة القيمة وهو موقع مقدس للمسلمين، اليهود والمسيحيين.
وأشار الى ان حماس، حزب الله وإيران كلها تسعى لأجل إبادة إسرائيل وتأسيس الدولة الاسلامية في المنطقة. ” ان هزيمة حماس في المعركة لن تمس بمصداقية ايديولوجيتها في غزة او في كل العالم العربي”. كما يقول بيليجي. ” اننا نحتاج الى تغيير روحي ونفسي وسياسي وهو يأتي من خلال الصوم الصلاة بين المسيحيين.
وفي كريات شمونة قلل يلوز والمتطوعين الذين معه عدد الوجبات للقوات. واقاموا هذا الأسبوع وجبة من الشيّ لحوالي مئة جندي إسرائيلي. انهم يريدون ان تعود كنيستهم للحال الطبيعي، لذلك قضوا عدة أسابيع الأخيرة وهم يرتبون الاكوام المتبقية من المعدات البلاستيكية وحاويات الطعام واغراض الطبخ بينما اخذوا بتنظيف أساسي للمطبخ.
“كنت تأتي لكنيستنا في آخر سنة ونصف وتشم البصل كل مرة تكون هناك” يقول ايلوز. “لذلك الآن نريد فقط ان نكون رائحة المسيح الزكية”.
يشعر ايلوز أكثر امانًا في كريات شمونة مما شعر في العام المنصرم. لقد قتلت إسرائيل عشرات من قادة حزب الله الكبار ومئات المقاتلين في هجومات مستهدفة على عرض لبنان وسوريا. وتابعت إسرائيل في تفكيك اميال من الانفاق التي خطط حزب الله ان يستخدمها لأجل الهجوم في شمال إسرائيل.
ان التصليحات في بناية كنيسة ايلوز قد اكتملت تقريبًا واقامت كنيسة كريات شمونة يوم الجمعة الأخير خدمة الكنيسة الأولى منذ ان بدأت الحرب. في اليوم التالي- اعترضت القبة الحديدية ثلاثة صواريخ فوق مدينة المطلة وهي تقع 5 اميال الى الشمال من كريات شمونة. وأنكر حزب الله أي تورط له في ذلك، لكن إسرائيل ردت بغارات جوية ضد قواعد حزب الله في كل لبنان.
ويقول ايلوز ان الناس في مدينته وأعضاء كنيسته قد تعبوا ويريدون السلام. “ان جولة أخرى من الحرب ستكون كارثية”، يقول.
لكن رغم استمرار الحرب فان كلًا من ايلوز وبيليجي ما زالا مفعمان بالرجاء.
“اننا نتطلع الى الوعود التي في اشعياء 19 ان الشرق الأوسط سيكون ذات يوم بركة لكل الأرض” يقول بيليجي. ” اعرف ان الأمور لا توحي بذلك الآن، لكننا نؤمن ان للرب وعود عظيمة للعرب واليهود”.
