ان تقويم الكنيسة القبطية يحدد بحسب شهدائها. تبدأ الرزنامة الكنسية في العام 284 ميلادي وهو العام 1 “انو مارتيري” (أي عام الشهداء) حين اعتلى الامبراطور ديوكليتيان الى العرش وامر بقتل 800 ألف مسيحي مصري بحسب ما نعرفه من التقليد. وكان أشهر شهيد في ذلك العصر القائد العسكري القديس موريس الذي اشتهر بمخالفته للأوامر بقتل اقرانه المسيحيين مما حذي بالإمبراطور ان يقتل كل افراد كتيبته وعددهم ستة آلاف جندي.
وخفّ الاضطهاد بعد ان أعلن قسطنطين المسيحية ديانة رسمية في الإمبراطورية الرومانية. لكن خلال العصر البيزنطي فرض بعض الاباطرة الفهم الأوروبي لعقيدة المسيح على ما سيصبح لاحقًا الكنيسة الارثوذكسية الشرقية. واستعاد الحكم الإسلامي اللاحق البطريركية القبطية ومنح بعض التسامح الديني. ولكنه ايضًا كرّس المسيحيين قانونيًا كمواطنين درجة ثانية، بما يُعرف بالذميين. وقلّ عدد الشهداء، لكن عصر المماليك في القرون الوسطى اتسم بالعنف بشكل خاص.
لكن حظوظ الاقباط انقلبت في العصور العثمانية والكولونيالية مما شقّ الطريق امام الدولة العصرية التي صارعت لتعرّف التوازن بين المواطنة المتساوية وبين الأغلبية المسلمة. وحدثت عدة حوادث، ومن بينها الاشتباكات عام 2000 في قرية كوش التي راح ضحيّتها عشرين قبطيًا قتلوا إثر خلاف بين شخص مسلم وصاحب دكان مسيحي. وفي عام 2010 وبعد خدمة رأس السنة تفجرّت قنبلة في سيارة خارج كنيسة في الإسكندرية وهي مدينة ساحلية على البحر المتوسط وقتل من جرائها 21 شخصًا. وفي عام 2015 في ليبيا، قطعت داعش رأس 20 قبطيًا ومسيحي من دولة غانا.
وبسبب الخوف من ازدياد قوة الاخوان المسلمين بعد الربيع العربي في 2011، فرّ 100 ألف قبطي من مصر الى الولايات المتحدة مما ضاعف عدد الاقباط في المهجر هناك أربع مرات. وتتواجد مجموعات مهاجرين ايضًا في كندا وفرنسا وأستراليا. وتحتل مصر المكان ال-40 في لائحة جمعية اوبن دورز للدول التي يصعب فيها ان تكون مسيحيًا. وقد ساهمت تقارير مشابهة وهجرة مستمرة الى الافتراض العام ان الاقباط يختبرون الاضطهاد المستمر.
لكن القصة أكثر تعقيدًا من مجرد هرب بسبب قلة التسامح الديني، حسب ما تقوله باحثة الأنثروبولوجي كانداس لوكاسك. ويعكس كتابها “شهداء ومهاجرون” 24 شهرًا من العمل الميداني بين الاقباط في مصر العليا والاكليروس الأرثوذكسي العابر للقوميات ومهاجرين حديثين للولايات المتحدة. ولا يقف الامر عند حقيقة ان اغلب الاقباط يهاجرون لأسباب غير الاضطهاد، حسبما قالت للمسيحية اليوم، ولكن بمجرد وصولهم للمهجر فانهم يقايضون مجموعة واحدة من الصعوبات بمجموعة أخرى منها.
ولدت لوكاسك في عائلة كاثوليكية بولونية في بافلو نيويورك وهي أستاذة مساعدة للأديان في جامعة ولاية مسيسيبي، وتقابلت مع الله مجددًا في كنيسة قبطية ارثوذكسية واعتمدت الى ايمان الكنيسة في 2012. ومن خلال اتصالاتها مع الكنيسة في مصر، هي تؤمن ان التقليد القبطي يمنح أدوات لكل المؤمنين لفهم ومجابهة الم وصعوبات الحياة اليومية. لقد تم تحرير هذه المقابلة وتلخيصها.
لماذا تشدد الكنيسة القبطية الارثوذكسية على الشهادة؟
بالنسبة للمسيحيين الاقباط، ان دم الشهداء يرمز الى نصرة المسيح على الموت وايضًا الى الانتماء الروحي الابدي في جسد المسيح. ان التقويم القبطي، وبشكل ملحوظ، لا يبدأ بميلاد المسيح او بتأسيس مصر المسيحية. بدلًا من ذلك، هو يبدأ في عصر الشهداء، احياء لذكرى الاضطهاد الواسع الانتشار للمسيحيين تحت الامبراطور الروماني ديوكليتيان.
خلال فترة التوسع الإسلامي المبكر في مصر، أصبحت قصص الشهداء والاضطهاد جوهرية للكنيسة القبطية لكي تحافظ على قوتها المؤسساتية بينما تطور النسيج الاجتماعي المجتمعي. وقد تم دمج الشهداء الجدد في حياة قديسي الكنيسة القبطية الارثوذكسية وتم ربطها بتضحية المسيح على الصليب. ان قصص القديسين تخدم كرسائل تذكيرية قوية للهوية القبطية وتعزز الصمود والتميّز، ان كان تحت الحكم العربي والإسلامي او حكومات أخرى.
ان القبطية المسيحية هي تقليد أقلياتي دائم، والاقباط يمارسون ايمانهم من خلال هذه النظرة. لكن الاستشهاد ليست مجرد أكثر من رمز لإعطاء المعنى للتألم والموت، ولكنها تمثل طريقة حياة تتضمن تضحية يومية وارتباط عميق مع الله.
ماذا تعني تلك التضحية للقبطي الاعتيادي؟
انها تأخذ اشكالًا عديدة تتعلق بالمركز الاجتماعي. فان قبطي من الطبقة الوسطى من القاهرة يختبر الشهادة اليومية بشكل يختلف عن عامل في الزراعة في المناطق الزراعية في مصر العليا. بالنسبة للأول، فانه من الممكن ان يُميّز ضد الاقباط في الجامعة مثلًا في تحيّز في منح العلامات او مواجهة الصعوبات في العمل على شكل الاقصاء عن مناصب في القيادة.
اما بالنسبة للثاني، فقد يكون على شكل نقاشات مع جار مسلم حول امر اعتيادي مثل شراء الخضروات فتأخذ ابعادًا دينية تقود الى الاعتداء او حتى القتل. هذه الحالات مُعقّدة اذ ان كل فقراء مصر مهمشون ولكن بالنسبة للقبطي فهناك صعوبة إضافية وهي طلب العدل المساوي.
بشكل عام، ان كان القبطي من المتدينين جدًا او ممن يكون نادرًا في الكنيسة، فان النوعان يريان أنفسهما كجزء من تقليد طويل من الشهادة المسيحية، ويفسران معاناتهما اليومية كصورة من الشهادة. ومن هنا ينتقلان ليصفا أنفسهما كمواطنين من درجة ثانية.
بدلًا من ذلك، يقول بعض الاقباط وكثير من المسلمين ان المسيحيين هم مواطنين متساويين. ما هو واقع الاضطهاد في مصر؟
هناك مفهوم للاضطهاد يصفه بانه يحدث دون توقف، لكن الواقع ليس بذلك الوضوح. انه يتواجد في التوازن بين الصداقة والصراع. في احدى الحالات قد تقول ام مسلمة لولدها:” لا تأكل في بيت المسيحيين ذاك لأنهم سيضعون لك السم”، لكن قد تأخذ ايضًا ولدها الى الكنيسة لكي تستلم بركة من قديس ما.
ان التركيز على العنف وحده قد يخفي هذه التعقيد. هذه الأمثلة تحدث وهي فظيعة. لكن في الحياة اليومية يختبر الاقباط ما يسميه الغرب “اعتداءات صغيرة”. شارك معلم في مصر العليا كيف تؤثر الثقافة الإسلامية على الحياة المسيحية – يتم حفظ القرآن في درس اللغة العربية مثلًا بينما يتم استخدام المصطلحات الإسلامية في التكرار اليومي للشعارات الوطنية. ويوبخ الأولاد احيانًا اذا لم يشتركوا في ذلك.
وعندها سألني المعلم: “يا كانداس، ما هي أعظم عجيبة رأتها عيناك في مصر؟” ظننت انه يغيّر موضوع الحديث. لكنه قال:” نحن المسيحيون ما زلنا نسكن هنا في وسط هذا المجتمع. في كل مرة أفكر فيها بالهجرة فاني أفكر بما سيحصل لمصر بعدما اتركها”.
لقد تأثرتُ من اجابته. ان الصراع لأجل الحضور المسيحي في الشرق الأوسط أصبح شاقًا للغاية. فهناك العنف، الحرب او الاقتصاد وهناك عوامل عديدة تفصل هذه المجتمعات المسيحية القديمة عن اوطانها المقدسة.
باي الطرق يعمل المسيحيون والمسلمين معًا؟
ان التفاعلات اليومية حول مواضيع رتيبة مثل أسعار الكهرباء او رسوم التعليم تأتي بالمسلمين والمسيحيين معًا. الحياة الاعتيادية تجعلهم مسؤولين الواحد تجاه الآخر في محاولة للتغلب على مثل هذه الصعوبات – لربما مثلًا في دروس مساعدة او سفريات للعمل او للمدرسة.
اما على الصعيد الوطني العام، فان المبادرات الرسمية المتعددة الديانات تنعكس في شيخ وكاهن يتصافحان في مؤتمر للوحدة الوطنية والذي قد يبدو من الخارج كأمر يصاحبه امل كبير. وهناك تعاون مؤسساتي بين الجهاز الكنسي وقيادة جامعة الازهر، وهي مركز الدراسة الرئيسي في العالم المسلم السني في العالم.
لكن هذه التفاعلات لا تعني الكثير للأقباط الذين يصفونها بانها تمثيلية سياسية. ان فهمهم لمثل هذا النوع من التعاون يتوازن بالضرورة مع اخبار مثل شق عنق مواطن قبطي لمجرد انه امتلك دكانًا للمشروبات الروحية. ان هذه الأطر المتضاربة- التبادل المجتمعي وحوادث العنف- تفرز وتؤثر على التجربة القبطية الطبيعية مع جيرانهم المسلمين.
قولي المزيد عن هذه الأطر المتضاربة.
خلال اجراء بحثي، قضيت الوقت مع عائلات قبطية من ملّاكي الأراضي في مصر العليا، وطوّرت علاقة قريبة للغاية مع احدى هذه العائلات. في احدى الامسيات جلسنا في حديقتهم وبينما تحدثت مع جاكلين (ربّة العائلة) تقدم الينا رجل. احتاجت العائلة لبعض الماء من السوق القريب، فمن هنا سألته جاكلين إذا امكن ان يحضر بعضًا منها لهم.
بعد ان غادر الرجل، توجهت جاكلين اليّ وقالت: ان هذا احمد. لقد اشتغلت عائلته برمتها عندنا في الزراعة. انه مسلم لكني اقسم امامك انه ذهب الى كنيسة القديسة مريم القريبة، واحضر لنا منها الخبز المقدس. لا ينظر اليه أحد في الكنيسة باستغراب، لأنهم يعرفون انه جزء من العائلة. انه يستمتع بتناوله معنا.”
في المساء الذي يليه، تناولنا طعام العشاء معًا مرة أخرى، ومرّ احمد قبيل إفطار رمضان. “هل تحتاجين شيئًا؟” سأل جاكلين. “لا. شكرًا يا احمد”، اجابته جاكلين. ثم توجهت صوبي وقالت،” انه يطمئن علينا كل ليلة لأنه يريد ان يتأكد اننا على ما يرام. انه مسلم متعلّم ويعرف ايمانه جيدًا”.
لكن بعد ساعة وعند الغروب ابتدأ الآذان (الدعوة للصلاة) بصوت مرتفع من مسجد صغير مجاور للإخطار عن حلول وقت الإفطار. وكأنها تريد ان تؤشر لي عن امتعاضها، وضعت جاكلين يديها على اذنيها وعبست.
كان الامر محيرًا في البداية. انها متعلقة بأحمد ولكن ايضًا بالمسجد. هناك علاقة مع الواحد بينما الآخر هو ازعاج، فهو يذكّر بالفرض الإسلامي.
لاحظت الامر ذاته عندما كانت جاكلين تبتسم حين تصف اصدقاءها المسلمين وجولاتهم للشراء. ولكن حين كانت تتحدث عن اقاربها في كارولاينا الشمالية كانت مزاجها يتغيّر. “لماذا يسمحون بدخول المسلمين الى أمريكا؟” كانت تقول. “اختي تقول انهم يستولون على كل الاحياء بجانبها. يظن المرء انه قد هرب منهم بعدما يترك مصر!”.
ماذا الذي يؤثر على مثل هذه التوجهات؟
اعتقد ان التوقيت هو أحد العوامل. وضعت جاكلين يديها على اذنيها في عام 2017 بعد وقت قصير من الهجوم الذي اشتمل قتل عشرات الحجاج الاقباط في باص سافر لزيارة دير الانبا صموئيل في الصحراء. ان لاهوت الشهادة يشكل كيف يرى الاقباط فيها مثل هذه الحوادث.
ولكن تسييس سردية الاضطهاد في أمريكا تفعل الامر نفسه. اشخاص كثيرون في مصر العليا لديهم تلفون ذكي ويستلمون من أقاربهم بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي تقاريرًا مترجمة من فوكس نيوز. للأسف احيانًا تكون هذه التقارير الصحفية الوحيدة التي تتطرق لصعوبات الاقباط.
كيف تُفسر الشهادة القبطية من قبل المسيحيين الامريكان؟
احد الأمثلة المتطرفة بشكل خاص جاءت في اليوم الذي سبق تمرد العاصمة الامريكية في 6 يناير 2021. غرّد الكاتب الإنجيلي المحافظ ايريك ميتاكساس صورة للإحدى وعشرين شهيدًا ممن قُطعت رؤوسهم في ليبيا، وكتب بجانبها: ما هو السعر الذي انت مستعد لدفعه من اجل ما تؤمن به؟”
كانت المقارنة واضحة بالنسبة لاتباع ميتاكساس، وكثير منهم كان غاضبًا على خسارة ترامب في انتخابات عام 2020. لقد قام بمقارنة صراعهم لإنقاذ أمريكا من الخطر الليبرالي بشهادة الشهداء الاقباط. هذه التغريدة اظهرت الاثنين كأبرياء مُضطهدِين وكضحايا لعدم التسامح الديني والسياسي.
لكن ميتاكساس هو جزء من سردية أوسع في وسائل الاتصال اليمينية التي توظف المعاناة القبطية لكي تشيطن المسلمين ككل- واقباط المهجر يشتركون احيانًا بذلك. مثلا في 11 سبتمبر (أيلول) 2010 قام نشطاء محافظون باحتجاج ضد مركز مجتمعي إسلامي مُخطَط بجانب موقع مركز التجارة العالمي. وظهر فيه جوزيف عبد المسيح وهو مؤسس لقمر اصطناعي ومحطة تلفزيونية مسيحية، والذي رفع صورة لرجل ملطخ بالدماء من مذبحة ناج حمادى في عيد الميلاد من ذات السنة.
” ان هذا أحد اصدقاءنا الأحباء في مصر] ممن قتلوا […باسم الإسلام”، حسبما قال، وبعدها أشار الى موقع مركز التجارة العالمي. ” حُرق هنا ثلاثة آلاف انسان، والآن يريدون بناء مسجد في نفس المنطقة! … انا اعرف الحقيقة لأنني من مصر…استيقظي يا أمريكا! … اوقفوا اسلمة أمريكا!”
ما هو تأثير هذا السرد في مصر؟
ان الاستغلال الأمريكي للمعاناة المسيحية العالمية هو امر ليس بجديد، ولكنه انتج معضلة مشحونة للمجتمع القبطي العابر للأوطان. وما بين عام 1996 و1998 اجريت نقاشات حول قانون الحرية الدينية الدولية، والتي جمعت نشطاء مسيحيين شرق اوسطيين وقادة دينيين امريكان وسياسيين. ومنح القانون اعفاء للحكومة الامريكية من ان تعاقب حلفائها الجيو سياسيين الهامين وشركائها الاقتصاديين عن أية خروقات للبروتوكولات المتعلقة بالحريات الدينية. ولكن القانون شكّل تحديًا للأقباط في مصر.
احد أعضاء البرلمان الاقباط عام 1998 قال في مقال له ان هذا القانون هو شكل جديد من التدخل الامبريالي وسيؤثر على العلاقات المسيحية- الإسلامية وعمليًا “طعن الاقباط في القلب”.
في نهاية السبعينيات من القرن السابق وخلال اتفاقيات كامب ديفيد مع إسرائيل، انتقد نشطاء في المهجر القبطي العنف المناهض للمسيحية والتمييز في مصر. خلال هذه الفترة الصاخبة، قيل ان الرئيس أنور السادات كان يتذمر تكرارًا بالقول:” لماذا يريد هؤلاء الاقباط ان يقلبوا مسيحيي العالم ضدي وضد مصر؟”
هل ساهمت هذه المبادرات الى العنف ضد المسيحيين؟
لا أستطيع ان اجزم لها الطرف او ذاك. كيف يمكن قياس ذلك؟ لكن بعد وقت قصير من قطع رؤوس الشهداء الواحد وعشرين على شواطئ ليبيا، أصدرت داعش رسالتها الإخبارية المعنونة ” انتقام للنساء المسلمات اللواتي اضطهدن من الاقباط الصليبيين في مصر”.
ان هذا التأطير يمكن ان يأخذ شكلًا إذا اعتبر الاقباط جزء من المسيحية الغربية وليسوا جزءًا أساسيًا من مصر. كان الامر مشابهًا تحت الحكم البريطاني حين اتهم الاقباط بأنهم جزء من النظام “المسيحي” الكولونيالي.
هناك طبقة إضافية لهذه التوجهات حول العنف المناهض للمسيحية وهو كيف يصف بعض الاقباط في مصر كيف يستغلون هذا السرد. مبكرًا خلال بحثي اردت ان اجد الأسباب الجذرية للعنف ضد المسيحيين في مصر. حين سالت عن الهجرة، كانت الاجابتان الرئيسيتان هما الاقتصاد والرغبة في حرية اكبر.
لكن شخصُا ممن تحدثت معه قال لي انه لأجل الحصول على التعاطف في مكتب القنصلية الامريكية “علينا نحن المسيحيين استخدام الاضطهاد كإطار لأجل حالتنا من اجل السماح لنا بالسفر الى أمريكا”.
لم يختبر اغلب الاقباط إطلاق نار او تفجير. انهم ببساطة يرغبون بحياة افضل، واضافة للعوامل الاقتصادية فان شوقهم هو للحرية من شعور التهميش المسيحي. الى جانب هذه الملاحظات، فعندي رد فعل غريزي لأولئك الذين يقولون ان الاقباط هم مواطنين متساوين بروح الوحدة الوطنية. اعتبر ذلك إهانة لان القاسم المشترك لردود الفعل الاعتيادية السلبية تظهر كم هو صعب ان تكون مسيحيًا في مصر.
كيف يجد الاقباط في المهجر أمريكا؟
رغم ان الولايات المتحدة تقدم وعدًا بالحرية والعدل والشهادة الروحية، لكن كثير من الاقباط يعبرون عن مفاجأتهم ان تجربتهم في الهجرة هي بمثابة نوع من التضحية. انهم لا يفقدون شعور الانتماء فحسب، ولكن بعضهم يواجهون التمييز العرقي والفقر مثلهم مثل المهاجرين المسلمين.
لقد توقعوا ان تكون أمريكا دولة مسيحية حيث يمكنهم ان يزدهروا روحيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، ولكنهم يجدون انفسهم في تناقض هائل: في الوقت الذي يقدّر الكثير من الانجيليين البيض الشهداء فان كثير منهم يعتبرون الاقباط الاحياء هراطقة. ان الدماء المهراقة هي التي تدخلهم في الفكر المسيحي الغربي الى المجتمع المسيحي العالمي، وليس تحديدًا ايمانهم القبطي الأرثوذكسي.
لكن رغم هذه الصراعات الجديدة ، فان غنى تقليدهم ما زال يحافظ عليهم كما فعل من خلال تجارب أخرى من التهميش التاريخي.
ماذا يستطيع الامريكان ان يتعلّموا من الاقباط؟
يقول الانجيليون احيانًا: ” لقد ابتعدنا عن الكنيسة الأولى”، لكن الكنيسة القبطية هي جزء من تلك الكنيسة الأولى. لماذا لا تدعونهم لكنيستكم لتتعلموا من ايمانهم القديم العهد؟ ان القبطية الارثوذكسية هي منحى مستمر من التواضع والغموض. يتذمر الشباب الاقباط احيانًا ان كهنتهم يقولون لهم دائمًا: حوّلوا الخد الآخر”.
لكن الشهادة- في الحياة او الموت- هي مقاومة للطرق المتمركزة على الذات في العالم. انها ليست عمل سلبي لكن شهادة حيوية للمسيح ولقوة القيامة. كما علّق المطران يوسف من مطرانية الكنيسة القبطية الارثوذكسية في جنوب الولايات المتحدة عن الواحد وعشرين شهيدًا في ليبيا، ” ان تحدي فهم الشهادة مكوّن من شقّين: الأول هو اكرام الرب من خلال الاستعداد للموت لأجل مسيحيتنا القبطية المحبوبة، والثاني هو نشر ايماننا عبر العالم من خلال دم الشهداء”.
يمكنك أن تتبعنا على الواتس اب لكي تحصل على اشعار عن مقالات مترجمة جديدة بالعربية